هدايا المجوس ورمزيتها

0 428

إنّ الهدايا (الذَّهب واللبان والمُرّ) التي قدّمها المَجوس في يوم ميلاد يسوع (متى ١١:۲)، كان لها أبعاد ورموز نبويّة فُهِمَتْ معانيها فيما بعد عبر حياة يسوع على الأرض. فبحسبِ الكتاب المقدّس، يدلّ الذَّهب على الألوهيّة، إنّه يرمز إلى الله، لأنّ الذهب عنصرٌ إلهيّ لايستطيع أحد تصنيعه. لذلك يجب التَّنقيب عنه لاستخراجه من باطن الأرض.

وقد اُستُخدِم الذَّهب في العهد القديم لصناعة أشياء مُقدّسة، وفي المَصنوعات اليدويّة مثل خيمة موسى، ومذبح البخور، وتابوت العهد، والمنارة، ومائدة خبز الوجوه (خروج ە۲). كلّ هؤلاء كانوا مقدّسين من الله ومثّلوا يسوع بصفته الله لأنّه كان إلهيًّا. لذلك فإنّ عطية الذهب تُشير إلى أنّ يسوع هو الله. فقد كانتْ مَريم تحمل في الواقع الشَّخص الذي حملها فيه قبل الأبديّة.

“الّذي هو صورَةُ اللهِ غَيرِ المَنظورِ، بكرُ كُلِّ خَليقَةٍ.  فإنَّهُ فيهِ خُلِقَ الكُلُّ: ما في السماواتِ وما علَى الأرضِ، ما يُرَى وما لا يُرَى، سواءٌ كانَ عُروشًا أم سياداتٍ أم رياساتٍ أم سلاطينَ. الكُلُّ بهِ ولهُ قد خُلِقَ.  الّذي هو قَبلَ كُلِّ شَيءٍ، وفيهِ يَقومُ الكُلُّ”(كولوسي ١ :ە١١۷).

المُرّ رمز الألم والعذاب. يحتوي المرّ على مركَّب لديه القدرة على تخدير الألم. وقد قُدِّم المُرّ ليسوع على الصَّليب لكنّه رفض لأنَّه أراد أن يتحمّل عواقب خطيتنا بالكامل في نفسه. كلمة مرّ تأتي من أصل كلمة تُسمى “مارار” والتي تعني مَرير أو حزين. وتعني أيضًا المَشقّة، الألم والعذاب التي تشير إلى آلام يسوع المسيح على الصَّليب. وبهذه الهبة، تمّ تذكير يسوع بأنّه سوف يمرّ بالعذاب والألم والمُعاناة من أجل خلاص الإنسان. سيكون لديه اختبار مُرّ على الصَّليب في الوقت الذي سيأخذ عنّا أحزاننا وخطايانا.

أمّا اللبان فإنَّه يرمز إلى أمرَين رئيسيَّين؛ القيامة والصَّلاة. كان البخور يحترق عادة في العهد القديم ويصعد إلى السَّماء برائحة عطرة. فهو يتحدّث عن جمال ما فعله يسوع لنا وما يعنيه لله.

“واسلُكوا في المَحَبَّةِ كما أحَبَّنا المَسيحُ أيضًا وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلِنا، قُربانًا وذَبيحَةً للهِ رائحَةً طَيِّبَةً”(أفسس ە:۲).

إنّ ذبيحة يسوع عظيمة عند الله. فعندما يصعد اللبان يتحدّث عن قيامته وصعوده بعد إكمال عمله على الصَّليب. كما نعلم أيضًا أنّ البخور يتكلّم عن الصَّلاة. قال داود: “لتُقم صلاتي كالبخور أمامك”(مزمور ۲:١٤١). فيسوع المسيح قام من الأموات ليصير رئيس كهنتنا الجديد الذي يشفع لنا إلى الأبد. ويمثل اللبان أيضًا دوره الكهنوتي كشفيع.

“مَنْ هو الّذي يَدينُ؟ المَسيحُ هو الّذي ماتَ، بل بالحَريِّ قامَ أيضًا، الّذي هو أيضًا عن يَمينِ اللهِ، الّذي أيضًا يَشفَعُ فينا”(رومية ۳١:٨).

“فمِنْ ثَمَّ يَقدِرُ أنْ يُخَلِّصَ أيضًا إلَى التَّمامِ الّذينَ يتَقَدَّمونَ بهِ إلَى اللهِ، إذ هو حَيٌّ في كُلِّ حينٍ ليَشفَعَ فيهِمْ”(عبرانيين ۷:ە۲).

وقد دلّ اللبان على العمل العظيم الذي أنجزه يسوع على الصَّليب، ومن ثّمَّ قيامته وصعوده، ودوره الكهنوتي في الشَّفاعة من أجلنا. أليس هذا مُذهلا؟

كلّ هذه العطايا مُجتمعة تعني أنّ “الله (الذهب) في شخص يسوع كان سيتألّم ويتعذّب (مُرّ) ليخلّص شعبه وبعد هذه الذَّبيحة ذات الرَّائحة الحلوة ، كان سيُقام من الأموات، يصعد إلى السَّماء ويتشفَّع إلى الأبد (اللّبان) لأجلنا كرئيس كهنة على رتبة ملكي صادق. هذا ما قصده الله عندما قُدِّمَت الهدايا ليسوع. كان الله يقول لنا أنّ هذا الطِّفل ليس عاديًّا. إنَّه الله المُتجسِّد؛ الذي وضع خطّة لخلاص البشريّة، و سينفِّذها وسيضحي بنفسه من أجلنا، وسوف يقوم ويكون لنا فاديًا ومُخلَّصًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.