المحبة المُسرفة

0 221

“فقامَ وجاءَ إلَى أبيهِ. وإذ كانَ لَمْ يَزَلْ بَعيدًا رآهُ أبوهُ، فتحَنَّنَ ورَكَضَ ووقَعَ علَى عُنُقِهِ وقَبَّلهُ”.(لوقا ە١: ۲٠)    

يجب أن يُطلق على هذا المثل اسم “محبة الآب” بدلاً من “الابن الضال”. إن كلمة prodigal تعني المُسرف بتهوّر. نحن نربط هذه الكلمة بالابن الأصغر، الذي بذّر ميراثه في حياة الخطيّة. ولكن الحقيقة هي أن الأب هو المتهوّر في إسرافه، إذ يهب ثروته لابن ناكر للجميل، كما يُسرف في محبته لابنه عند عودته. ومع أنّ هذه القصة معروفة لدى معظم المؤمنين، إلا أنني أودّ أن أبرز بعض جوانب القصة والتي تبرز تعليم يسوع عن أبيه.

لقد سمعنا مثل الإبن الضال مرات عديدة حتى أننا لا نلاحظ الأجزاء الصادمة فيه. فالابن الأصغر، من ضمن ولدين، طلب ميراثه من والده ليأخذه ويرحل بعيداً. مع أن هذا الطلب كان مُذهلاً ومُهنياً، إلا أن الأب وافق عليه. وأنفق الولد كل ما كان له على عيش خاطئ حتى وصل إلى الحضيض. وفي لحظة من لحظات التفكير، أدرك الولد أن خدّام والده أفضل حالاً منه، فراح يؤلّف اعترافاً يقدّمه لوالده، يطالبه في أن يصبح أحد خدامه.

ثم تأخذ القصة منعطفاً صادماً آخر ونقرأ أن الأب تحنن على ابنه وركض ووقع على عُنقه وقبّله. هذه ليست تفصيلة صغيرة، حيث أنها تخبرنا عن شخصيّة الله وقلبه. إن الله ينظر إلينا بنظرة مملؤة بالحنان، حتى وإن كنا قد فعلنا أسوأ الأشياء في حقّه.

إن الأب في عهد يسوع، كان له الحق أن يأخذ ابنه إلى الشيوخ ليُرجم، ربما حتى الموت. ولم يكن الأب ليُلام لو كان فعل هذا. فذلك كان سيصبح تطبيقاً للعدالة ولكن ما حدث كان عكس ذلك، لقد طلب من خدامه أن يأتوا له بالحلّة الأولى، ويضعوا خاتما في إصبعه، وحذاءً في رجليه، وصنع له احتفالا. لقد استعاد الابن مكانته ولم يفقد شيئاً مع أنه لا يستحق شيئاً من ذلك.  

إن أي أب صالح كان سيكون غاضباً من قرارات ابنه الأصغر. ولكن يسوع يريدنا أن نفهم أنه حتى حينما نرتكِب أسوأ الخطايا، فهذا لن يمنع الله من أن يحبنا ويتوق إلى عودتنا. إن الله يحبّ رغم حالة الإنكسار والخطيّة لمحبوبيه، وهذا هو الدليل الوحيد على المحبة الخالصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.