“إذ لَمْ تأخُذوا روحَ العُبوديَّةِ أيضًا للخَوْفِ، بل أخَذتُمْ روحَ التَّبَنّي الّذي بهِ نَصرُخُ: يا أبا الآبُ”. (رومية ٨:ە١)
في العهد القديم؛ كان اليهود يعرفون الله باسم “إلوهيم” و”إيل شداي”… أما في العهد الجديد؛ أتى يسوع ليكشف عن اسم واحد لله، وهو “أبا الآب”. والروح القدس رفض -لأجل هدف معين وعن عمد- أن يسمح للمترجمين استخدام الكلمة اليونانية (Pater)، والتي تعني الوالد، وترك الكلمة كما هي أبا (Abba)، في العبريّة والآراميّة التي كان يتكلّم بها يسوع. لا يوجد أيّ خطأ في أسماء الله، ولكن ما أعنيه، إنه من الخطأ أن تفكّر بأن أسماء الله في العهد القديم هي أعظم من اسم “الآب”.
ربما تكون قد عشت حياة سيّئة في طفولتك، أو ربما نشأت في أسرة، الأب فيها مؤذ سواء مادياً أو معنوياً، لكن بابا الله ليس كذلك. هو يريد أن يكون لك أباً. لا يهمّ كم عمرك الآن! ستكون دائماً طفلاً في نظره. عندما تحتاج إلى الحب فذراعه مفتوحتان لك على آخرهما، وَعَلَى الأَيْدِي تُحْمَلُونَ وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ تُدَلَّلُونَ (إشعياء ١٢:٦٦)، وإن لم يكن لديك أيّة كلمات مناسبة، وكانت صلاتك الوحيدة هي بابا، فإن المخاوف، والإحساس بالذنب، والإكتئاب، ستنصهر كلها مثل الزبدة في يوم حار، وسيتولّد فيك الإطمئنان والراحة والهدوء.
لماذا قال: “إذ لم تأخذوا روح العبوديّة أيضاً للخوف”؟ ليس الخوف هنا خوف الثعابين، أو الخوف من أمر محدّد، إنّما يتكلم في كل السيّاق عن الخوف من الله. أي: لم تأخذوا روح العبوديّة التي كانت في العهد القديم مرّة أخرى، بل أخذتم روح التبنّي الذي به نصرخ: يا “أبا الآب”.
عندما تقول: أبي… أنت تشعر بمحبته، أنا لا أقول ألّا تدعوه باسم الرب الإله. لو كان أبوك قاضياً مشهوراً، وكنت في المحكمة معه، أنت تتصرّف بلباقة، بالرغم من أنه والدك فتدعوه: “سيادة القاضي”، أو “فخامتك”. تستطيع أن تدعوه “الله، وإلوهيم، والله كليّ القدرة”، لكن ما أن تعود إلى بيتك، فعلاقتك به دائماً هي: أنه أبوك. هذا القاضي هو أبي، قد يصدر عقوبة على أحدهم لكنّه أبي، هو يحبني.