نعمته أقوى من خطاياك

0 146

“طوبَى للّذينَ غُفِرَتْ آثامُهُمْ وسُتِرَتْ خطاياهُمْ. طوبَى للرَّجُلِ الّذي لا يَحسِبُ لهُ الرَّبُّ خَطيَّةً”.(رومية ۷:٤٨)

تخيّل معي أنك تأخرت عن عملك وكل ما يستحوذ على فكرك أثناء القيادة هو الوصول بأقصى سرعة لمكان عملك. وقد سجّل الردار سرعة قيادتك، فأنت الآن مُدان والغرامة المطلوبة في حالة تعدّي السرعة المقرّرة تبلغ حوالي مائتين وخمسين دولاراً. عندئذ يقوم القاضي بإصدار حكم الإدانة ومن ثم ينطق بالحكم. ولكن حدث ما لم تتوقّعه إذ يقوم القاضي بمدّ يده داخل جيبه ويدفع الغرامة (الدين).

فتملؤك الدهشة من حنوّ وكرم ذلك القاضي. حينئذ فقط تتنفّس الصعداء فأنت الآن حرّ. وبينما أنت تغادر المحكمة إذ بك تلاحظ أن القاضي يتتبعك إلى الخارج ويحدّق إلى عربتك باهتمام شديد وهي من طراز قديم، وللمرة الثانية يمدّ القاضي يده في جيبه ليُخرج مفاتيح سيارة جديدة رائعة مدفوعة الثمن. الآن وقد أذهلتك الدهشة وتتساءل متحيّراً لما كل هذا الإحسان؟ فكل ما قد يعرفه القاضي عنك هو إنّك كسرت القانون. لماذا إذا يدفع عنك دينك ويبتاع لك سيارة جديدة ؟

إن كل ما فعله القاضي معك كان على إحسان شخصيته وطبيعته. فلا أنت ولا أداؤك في القيادة لهما شأن بذلك اللطف والإحسان. فبينما أنت تستحق الجزاء (الغرامة) سدّد لك هذا القاضي كل شيء بل وفوق كل ذلك قدم لك سيارة جديدة.

الآن قف وتأمل لو إن ذلك حدث بالفعل. كيف ستكون ردّة فعلك؟!!

هل ستقود سيارتك مبتعداً عن المحكمة تملؤك الحسرة على كم إنك سائق مستهتر بينما يخبرك عقلك إنك غير مستحق لتلك الهدية الرائعة ؟ لا أعتقد ذلك. ممّا لا شك فيه إنك مُدرك تماماً إنك كنت مستهتراً في قيادتك. إلا أنك سوف يستغرقك التفكير في هذا الإكرام والإحسان العظيمين الذي أخصهما القاضي بك بل وسوف تحمل له دائماً الكثير من الحب والإجلال والتقدير الشديد لشخصه أن تكون أنت أيضاً شخصاً كريماً ولطيفاً مع الآخرين كما كان هو معك.

هذا هو غرض الله من عمل نعمته في حياتك. وتلك النعمة ليست مبنية أبداً على أساس كمالنا أو أعمالنا. “لأنَّكُمْ بالنِّعمَةِ مُخَلَّصونَ، بالإيمانِ، وذلكَ ليس مِنكُمْ. هو عَطيَّةُ اللهِ. ليس مِنْ أعمالٍ كيلا يَفتَخِرَ أحَدٌ”(أفسس ٨:۲). ولننال من الله تلك النعمة التي يريد أن يسكبها فيك ومن خلالك كل ما عليك هو أن تضع عينيك عليه وعلى نعمته بدلاً من النظر إلى نفسك وسقطاتك.

لقد غسلك دم الرب يسوع من كل خطيّة ولآن أنت ابن الله ولك طبيعة جديدة. لذا كفّ عن النظر إلى خطاياك القديمة وتعظيمها بل وعظّم نعمة الله الفائضة والغنيّة لك. لماذا؟ لأن نعمة الله هي التي سوف تمدّك بالمعونة للتغلّب على صراعات الحاضر وتحملك إلى المستقبل الذي رسمه الله لك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.