هدايا المجوس (الذّهب واللّبان والمُرّ) في يوم ميلاد يسوع (متى ١١:۲)، كان لها أبعاداً ورموزاً نبويّة فُهِمَت معانيها فيما بعد عبر حياة يسوع على الأرض. فبحسب الكتاب المقدّس، يدلّ الذّهب على الألوهيّة، يرمز إلى الله، لأنّ الذّهب عنصر إلهيّ لايستطيع أحد تصنيعه. لذلك يجب التّنقيب عنه لاستخراجه من باطن الأرض.
وقد استُخدم الذّهب في العهد القديم: لصناعة الأشياء المقدّسة، والمَصنوعات اليدويّة مثل خيمة موسى، ومذبح البخور، وتابوت العهد، والمنارة، ومائدة خبز الوجوه (خروج ە۲). كل هذه الأمور كانت مقدّسة من الله، ومثّلوا يسوع بصفته “الله الذي ظهر في الجسد”، لذلك فإن عطية الذّهب تُشير إلى أن يسوع هو “الله”. فقد كانت مريم تحمل في الواقع الشخص الذي حملها فيه قبل الأبديّة.
“الّذي هو صورَةُ اللهِ غَيرِ المَنظورِ، بكرُ كُلِّ خَليقَةٍ. فإنَّهُ فيهِ خُلِقَ الكُلُّ: ما في السماواتِ وما علَى الأرضِ، ما يُرَى وما لا يُرَى، سواءٌ كانَ عُروشًا أم سياداتٍ أم رياساتٍ أم سلاطينَ. الكُلُّ بهِ ولهُ قد خُلِقَ. الّذي هو قَبلَ كُلِّ شَيءٍ، وفيهِ يَقومُ الكُلُّ”(كولوسي ١ :ە١–١۷).
المُرّ رمز الألم والعذاب. يحتوي المرّ على مركّب لديه القدرة على تخدير الألم. وقد قُدّم المُرّ ليسوع على الصليب لكنّه رفض، لأنّه أراد أن يتحمّل عواقب خطيتنا بالكامل في نفسه. كلمة “مُرّ” تأتي من أصل كلمة تُسمى “مارار” والتي تعني مرير أو حزين. وتعني أيضاً المشقّة والألم والعذاب التي تشير إلى آلام يسوع المسيح على الصليب. وبهذه الهبة، تمّ تذكير يسوع بأنّه سوف يمرّ بالعذاب والألم والمُعاناة من أجل خلاص الإنسان، وسيكون لديه اختبار مُرّ على الصليب في الوقت الذي سيأخذ عنّا أحزاننا وخطايانا.
أمّا اللّبان فإنّه يرمز إلى أمرين رئيسيّين؛ القيامة والصلاة. فالبخور في العهد القديم، كان يحترق عادةً برائحة عطرة ويصعد إلى السماء، وهذا يتحدّث عن جمال ما فعله يسوع لنا وما يعنيه لله، فذبيحة يسوع عظيمة عند الله رائحة سرور ورضا بعد إكمال عمله على الصليب.
“واسلُكوا في المَحَبَّةِ كما أحَبَّنا المَسيحُ أيضًا وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلِنا، قُربانًا وذَبيحَةً للهِ رائحَةً طَيِّبَةً”(أفسس ە:۲).
إذا كان اللبان يتحدّث عن قيامة المسيح وصعوده. فالبخور أيضاً يتحدّث عن الصلاة. قال داود:“لتستَقِم صلاتي كالبخور أمامك”(مزمور ۲:١٤١). فيسوع المسيح قام من الأموات صائراً رئيس كهنتنا الجديد الذي يشفع لنا إلى الأبد.“فمِنْ ثَمَّ يَقدِرُ أنْ يُخَلِّصَ أيضًا إلَى التَّمامِ الّذينَ يتَقَدَّمونَ بهِ إلَى اللهِ، إذ هو حَيٌّ في كُلِّ حينٍ ليَشفَعَ فيهِمْ”(عبرانيين ۷:ە۲). فاللبان يشير إلى دور المسيح الكهنوتي كشفيع “المَسيحُ هو الّذي ماتَ، بل بالحَريِّ قامَ أيضًا، الّذي هو أيضًا عن يَمينِ اللهِ، الّذي أيضًا يَشفَعُ فينا”(رومية ۳١:٨).
دلّ اللبان على العمل العظيم الذي أنجزه يسوع على الصليب، ومن ثمّ قيامته وصعوده، ودوره الكهنوتي في الشفاعة من أجلنا. أليس هذا مُذهلاً؟
كلّ هذه العطايا مُجتمعة، تعني: أن “الله (الذّهب) في شخص يسوع سيتألّم ويتعذّب (المُرّ) ليخلّص شعبه، وبعد هذه الذّبيحة المرضية لله، يُقام من الأموات، ويصعد إلى السماء ويتشفّع إلى الأبد (اللّبان) لأجلنا كرئيس كهنة على رتبة ملكي صادق”. هذا ما قصده الله عندما قُدّمت الهدايا ليسوع.
جورج حداد
كان الله يقول لنا: أن هذا الطفل ليس عاديّاً. إنّه الله المُتجسّد؛ الذي وضع خطّة لخلاص البشريّة، و سينفّذها وسيضحي بنفسه من أجلنا، وسوف يقوم ويكون لنا فاديًا ومُخلّصاً.