التأديب الحقيقي

0 168

لسنوات عديدة، تمّ التبشير بعقيدة “التأديب” كعقاب إلهي، ممّا جعل المؤمنين يتحمّلون كل الأعراض الكاذبة (المرض، الفقر، والمشاكل) كمظاهر لتأديب الله على حياتهم. إذا كان الأمر كذلك، فإن كاتب المزمور يرتكب خطأ عندما يدعو الرجل المؤدّب “مباركاً”!

“طوبَى (مُبارك، هنيئاً) للرَّجُلِ الّذي تؤَدِّبُهُ يا رَبُّ، وتُعَلِّمُهُ مِنْ شَريعَتِكَ. لتُريحَهُ مِنْ أيّامِ الشَّرِّ، حتَّى تُحفَرَ للشِّرّيرِ حُفرَةٌ. لأنَّ الرَّبَّ لا يَرفُضُ شَعبَهُ، ولا يترُكُ ميراثَهُ” (مزمور١٢:٩٤١٤).

إن فهمَنا لهذه الآيات من خلال إعلان الروح القدس، سيساعدنا في الواقع على تقدير محبة يسوع لكل واحد بيننا. تبدأ الآية: بمباركة الإنسان الذي يقبل التأديب. وأن تأديب الله ليس حوادثاً أو أمراضاً أو مشاكل أخرى!! بل هو تصحيح لطيف من خلال كلمته. ففي كل مرة تسمع فيها عظة ممسوحة، أو تقرأ في الكتاب المقدس، فإن تأديبه يحدث عليك. تمضي هذه الآية لتقول:“طوبَى للرَّجُلِ الّذي تؤَدِّبُهُ يا رَبُّ، وتُعَلِّمُهُ مِنْ شَريعَتِكَ”. أما بالنسبة لمؤمني العهد الجديد فهذا يعني الإنجيل، لأن “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ” (٢تيموثاوس ١٦:٣).

في عهد النعمة، تلقّى يسوع تأديب خطايانا، فيقول الكتاب:”تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا(إشعياء ٥:٥٣وحاشا لله أن يكون غير عادل إذا نسَب لنا نفس التأديب بسبب عصياننا!!

اليوم، تأديب الله بالنعمة، ليس عقاباً على العصيان بل هو تأديب لاستقبال راحته! نعم، هذا ما يقوله الجزء الثاني من الآية:“لتُريحَهُ مِنْ أيّامِ الشَّرِّ”، وهذه نتيجة للآية السابقة. فيقول الروح القدس: أن تأديب الله ينتج عنه راحة للمؤمن في عمل المسيح الكامل، وهو محمي تماماً من محنة العالم. ومن المفترض، أن تكون حياتنا كمؤمنين قائمة على الأساس المتين للمسيح وعمله العظيم من أجلنا.

في كل مرة تجد نفسك مباركاً بينما العالم من حولك مُتوتّراً، تذكّر أنك تلقّيت للتوّ جرعة من تأديب الله!

إذا لم يكن ذلك كافياً!! فإن الروح القدس يؤكّد للمؤمن بوعد ثمين أن “الرَّبَّ لا يَرفُضُ شَعبَهُ، ولا يترُكُ ميراثَهُ”. فنحن المؤمنين “شَعبُهُ ومِيراثُهُ”، ويسوع لن يتركنا أبداً نواجه الدمار واللّعنات والمصائب التي تحدث في العالم. فكلمة “يَرفُضُ” و“يترُكُ” مُتشابهتان في المعنى. لقد وعدنا الرب ألا يتخلّى عنا “لأَنَّنَا قَدْ طَلَبْنَا الرَّبَّ إِلهَنَا. طَلَبْنَاهُ فَأَرَاحَنَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ” (٢أخبار ١٤:۷). فإذا فهمت حقاً تأديب الله في ضوء العهد الجديد، ستتمتّع بكلمة الرب التي تُؤدّبنا، “لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ” (أمثال ١٢:٣).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.