“فلَمّا رآها يَسوعُ تبكي، واليَهودُ الّذينَ جاءوا معها يَبكونَ، انزَعَجَ بالرّوحِ واضطَرَبَ…قالوا لهُ: «يا سيِّدُ، تعالَ وانظُرْ…”وبكَى يَسوعُ” (يوحنا ٣٥:۱۱).
لا تتميّز هذه الآية بكونها أقصر آية في الكتاب المقدس فحسب!! بل هي أيضاً آية فريدة، تُصوّر الطبيعة الإنسانيّة لربنا يسوع المسيح. هذا هو يسوع “يبكي” عند قبر صديقه لعازر. ولكن ما يُثير الاهتمام هو: أن يسوع علم بحكمته الإلهيّة أنه سيُقيم لعازر من الأموات، ومع ذلك “بكى”!! هذه هي طبيعة “الله الظاهر في الجسد” المعروضة هنا من خلال يسوع. الذي يقول:“منْ رآني فقد رأى الآب” (يوحنا ٩:۱٤). الإله “الذي يمسُّ الأرضَ فتَذوبُ” (عاموس ٥:٩)، “الربُّ الإلهُ العظيمُ المهوب، حافظُ العهدِ والرَّحمة لمُحبِّيه” (دانيال ٤:٩). “بكى”!! لماذا؟
لأننا نادراً ما نُدرك أن ربنا المُحبّ مُتأثّر بالجوانب الصغيرة للحياة البشريّة!! رغم أنه الخالق المُبدع “الذي بهِ كانَ كلُّ شيءٍ، وبغيرهِ لم يكنْ شيءٌ ممَّا كان” (يوحنا ٣:١)، إلا أنه يتأثّر بمشاعرنا البشريّة ولا يتعاطف فقط مع مشاعرنا.. وبمعنى آخر: عندما تشعر بالإحباط والرفض، فإنه يشعر بنفس الشعور! “في كُلِّ ضيقِهِمْ تضايَقَ، ومَلاكُ حَضرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بمَحَبَّتِهِ ورأفَتِهِ هو فكَّهُمْ ورَفَعَهُمْ وحَمَلهُمْ كُلَّ الأيّامِ القَديمَةِ” (إشعياء ٩:٦٣). ولذلك نراه “يبكي” عندما رأى أخوات لعازر يبكين!! إنه إله يمرّ بما نمرّ به، ويعيش ما نعيشه نحن.
ليس يسوع “الجالس على يمين العظمة” قاسياً دون مشاعر، بل هو إله حنون ومُهتمّ حتى بالأمور الصغيرة في حياتك. يمكنك التحدث إليه كما تتحدث مع أفضل صديق لك “فهو المُحبُّ الألزقُ منَ الأخ” (أمثال ٢٤:١٨). فهو يُحبّ أن يستمع إليك! لأنه يشعر بما تشعر به، لا يتركك غارقاً في حزنك بل يأتي ليُعيد الفرح إلى قلبك والإبتسامة إلى وجهك، ويؤكّد محبته الأبديّة لك! تذكّر: أن يسوع لم يترك “مريم ومرثا” في حزنهما، بل زرع الفرح في قلبيهما، عندما أقام أخيهما لعازر من جديد إلى الحياة.
رغبة يسوع؛ أن يحوّل كل موقف من أجلك، لأنه يُحب أن يراك سعيداً. لا تعتقد أبداً أنه غير مُبال!! أو أن لديه مشغوليات تُبعده عنك!! ولكن “ألقِ بثقةٍ كلَّ همِّكَ عليه، لأنَّهُ هو يعتني بكَ” (١بطرس ۷:٥)، يسوع يحب دائماً أن تُشاركه في كل جانب من جوانب حياتك، حتى الأمور الصّغيرة منها! استمتع به.